المدینة الفاضلة فی المدائح (رؤیة نقدیة إلی مدائح ابن الرومی)

یعتبر المدح، أکثر الأنواع الأدبیة الکلاسیکیة رواجاً فی الشعر العربی و الفارسی. و قد أجری منذ أقدم الأزمان شتی البحوث علی هذا النوع الأدبی، ولکن من حیث أنّ الشاعر المداح -عادتاً- لم یکن یحسب لنفسه التزاما قبال المجتمع و الشعب الإنسانی، لا یعتبر النقاد عامة، هذه الأشعار إلا أباطیل و أکاذیب قد أنشدت إقناعاً للحاکم و جسراً لوصول الشاعر إلی آماله و رغباته المادیة. یتناول هذا المقال، موضوع  المدیح عامة و عند ابن­الرومی خاصة و ینقده من حیث   علم اجتماع الأدب؛ لیبین أولا مدی أثر هذه الأشعار ودورها البارز للشعب الماضی، و من جهة أخری یوضح  مهمة القاریء المعاصر أمامها؛ و أخیرا  یستشف من خلال مدائح ابن­الرومی، المدینة الفاضلة الموجودة فی ذهن الشاعر و المجتمع المطلوب لدی الشعب الذی یعیش فی ذلک المجتمع، و یستنتج أن المدائح- و إن تُعدّ نصوصا غیر ملتزمة أمام الإنسان و آماله و مشاکله- ولکن یتمکن القاریء المعاصر من کشف مجتمع الشاعر و أهواء الحکام و رغبات الناس و طلباتهم من خلال هذه الأشعار. المقال الحاضر یفتح  بابا  نحو قراءات جدیدة  عن هذا النوع  الأدبی الرائج فی القدیم و نقده من حیث علم اجتماع الأدب فی الأدبین العربی و الفارسی. من النقاط التی نستشفها من خلال مدیح ابن­الرومی للمجتمع الإسلامی فی القرن الثالث هی: العلاقة الثنائیة بین الممدوح و الشاعر، الحاجة المستمرّة إلی بطل یصلح الأمور، الدکتاتوریة الدینیة فی المجتمع، عدم الأمن السیاسی و الاقتصادی، عدم رضا الشعب المسلم من الأوضاع السائدة، و الحسرة علی الماضی.